(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
الآداب والأخلاق الشرعية
16890 مشاهدة
النصيحة لأخيك

لا شك أن المحبة تقتضي أن تنصح أخاك إذا رأيته قد أخلّ بواجب، وهذه النصيحة من أعظم آثار المحبة فتنصحه لله تعالى وتقول: إني أحبك في الله -من آثار محبتي أن أنصحك بكذا وكذا، وأدلك على كذا وكذا... وهذه النصيحة ليست مقتصرة على الأمور الدنيوية، مثل مشاركته في تجارتك أو مساهمته معك، أو أن تدله على ما يربح فيه ... وشبه ذلك، فإن هذا ليس من خصوصيات المحبة، بل المحبة أوسع من ذلك.
فمن المحبة أن ترشده إلى الطاعة وتدله عليها، وتحذره من المعصية وتحثه على الابتعاد عنها، وتبيّن له طرق الخير والشر، وتوضح له الطريق السوي الذي يوصله إلى رضى الله تعالى والجنة؛ وهذه هي حقيقة المحبة، وسوف يتقبل منك إذا علم أنك صادق المودة، ليس لك هدف دنيوي، ولا قصد إلا أنك تريد له الخير وتدله عليه.
ولا تحتقر نفسك أن تنصحه، وتدله على ما ينفعه في دينه ودنياه، ولو كنت أجهل منه، أو أصغر منه؛ هذا هو مقتضى المحبة ، وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة النبوية أمثلة من آثار هذه المحبة، كقوله صلى الله عليه وسلم: لا تقاطعوا، ولا تظالموا ولا تهاجروا، ولا تحاسدوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عبادالله إخوانا ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى هاهنا -ويشير إلى صدره- بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه .
 وظاهر الحديث بيِّن لا يحتاج إلى شرح، فلما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأخوة بين المسلمين بقوله: وكونوا عباد الله إخوانا أمرهم أن يثبِّتوا هذه الأخوة التي من آثارها عدم تحقير بعضهم بعضا ، وأن لا يظلم بعضهم بعضا ، ولا يعتدي بعضهم على بعض، ولا يهجر بعضهم بعضا ، فكل ذلك من آثار هذه المحبة ومن آثار هذه الأخوة.
فإذا عرفت أن كل المسلمين إخوة لك فإياك أن تُغل قلبك بحق لأحدهم أو بغض لهم، أو احتقار أو ازدراء لأيهم، خاصةً إذا كان عالما أو طالب علم فتكون بذلك مخالفا لهذه التوجيهات النبوية التي دل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وتكون مخلا بهذه الأخوة لأنك إذا لم تعمل بهذه الإرشادات فلست صادقا في أنك تحب لأخيك ما تحبه لنفسك، الذي هو شرط من شروط الإيمان كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه فلا يكون كامل الإيمان، ولا من أهل الإيمان الصحيح الحق إلا من أحب لأخيه ما يحب لنفسه .